حديث اليوم رقم (3205): هل أَنْتَ مُدْرِكٌ لِهَذَا التَّحْذِيرِ النَّبَوِيِّ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَالِابْتِلَاءِ؟
|حديث اليوم رقم (3205): هل أَنْتَ مُدْرِكٌ لِهَذَا التَّحْذِيرِ النَّبَوِيِّ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَالِابْتِلَاءِ؟
عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((… فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (4015) وَمُسْلِمٌ (2961).
يَحْذَرُنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَخْطَرِ فِتَنِ الْحَيَاةِ، وَهِيَ فِتْنَةُ وُسْعِ الدُّنْيَا وَانْشِرَاحِهَا بَعْدَ الْعُسْرِ.
* مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ نَفْيَ خَطَرِ الْفَقْرِ كُلِّيَّةً، بَلْ الْمُقَارَنَةُ بَيْنَ خَطَرِ الْفَقْرِ وَخَطَرِ الْغِنَى؛ لِيُبَيِّنَ أَنَّ فِتْنَةَ الْغِنَى أَشَدُّ.
* أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا: أَنْ تُفْتَحَ لَكُمْ وَتُنْشَرَ، فَيَكْثُرَ الْمَالُ وَتَتَوَفَّرَ الْمَتاعُ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ: إِشَارَةٌ تَارِيخِيَّةٌ لِمَا حَدَثَ لِلسَّلَفِ مِنَ الْغُرُورِ بِالدُّنْيَا.
* فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا: تَسَابَقُوا إِلَيْهَا كما فعلوا، حَتَّى تَصِيرَ هدفكم وَغَايَةَ هُمُومِكم.
* وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ: بالِانْشِغَالِ بِهَا عَنْ عمل الْآخِرَةِ، والتَّنَازُعِ وَالتَّقَاتُلِ عَلَيْهَا، والبطر بالنعمة والْغُرُورِ وَالطُّغْيَانِ.
ثمرات وَفَوَائِدُ
1. فِتْنَةُ الْغِنَى أَشَدُّ من فتنة الفقر: لِأَنَّ الْفَقْرَ قَدْ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ، وَالْغِنَى قَدْ يَصُدُّ عَنْهُ.
2. الْوَعْدُ النَّبَوِيُّ قَدْ تَحَقَّقَ: فَقَدْ فُتِحَتْ خَزَائِنُ الْأَرْضِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَحَصَلَ مِنَ التَّنَافُسِ وَالْهَلَاكِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ.
3. الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا: لَيْسَ تَرْكَهَا، بَلْ عَدَمُ التَّعَلُّقِ بِهَا، فَهي وَسِيلَةً لِلْآخِرَةِ لَا غَايَةً.
4. الْحَثُّ عَلَى الِاعْتِبَارِ: بِأَحْوَالِ مَنْ قَبْلَنَا؛ لِكَيْ لَا نَقَعَ فِي مَا وَقَعُوا فِيهِ.
أسأل الله أن يقينا فتنة الدنيا، وأن يجعلها في أيدينا لا في قلوبنا.