حديث اليوم رقم (2833) ماذا تعرف عن كلّ هذا التواضع وكلّ هذا الورع؟
|حديث اليوم رقم (2833) ماذا تعرف عن كلّ هذا التواضع وكلّ هذا الورع؟
[يَروي التابعيُّ إبراهيمُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ:] أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، أُتِيَ بطَعَامٍ وكانَ صَائِمًا، فَقالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وهو خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ، إنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ، بَدَتْ رِجْلَاهُ، وإنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ – وأُرَاهُ قالَ: وقُتِلَ حَمْزَةُ وهو خَيْرٌ مِنِّي – ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا ما بُسِطَ – أَوْ قالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا ما أُعْطِينَا – وقدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ. أخرجه البخاري 1275.
كان أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بِدايةِ الأمرِ في ضِيقٍ مِنَ العَيشِ، فكانوا أبعَدَ ما يكونونَ عن زِينةِ الحياةِ الدُّنْيا، ولكنَّهم صبَروا وتحمَّلوا مِن أجْلِ دَعوةِ الإسلامِ.
مُصْعَبُ بنُ عُمَيرٍ رَضيَ اللهُ عنه كان مِن السابِقينَ إلى الإسلامِ وإلى الهِجرةِ، وكان يُقرئُ الناسَ بالمدينةِ. بُرْدَةٍ: ثوب بسيط خفيف يلبس فوق الثياب. حمزةُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ رَضيَ اللهُ عنه هو عمُّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأخوه من الرضاعة، هو الإمام الضرغام أسد الله، سيد الشهداء، نزل في قرآن يتلى إلى يوم الدين.
في الحديث تواضع عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ رَضيَ اللهُ عنه، وحُبه لإخوانِه، وإظهاره لفضلِهم إذ سبَقوا إلى الله قبل يتمتّعوا بما فتَح اللهُ على المسلِمينَ.
حسناتُنا عُجِّلتْ لنا: هذا خَوفٌ مِن أن يكونَ قد عُجِّل الأجرُ لهم، ولم يُدَّخَرْ للآخِرةِ، وقوله هذا وبُكاؤُه شفقةً مِن ألَّا يَلحَقَ بمَن تقَدَّمَه، وهذا فِعلُ الخائفِ الوَجِلِ مِن الله.
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ومن السابقين الأولين في الإسلام، كان غنيا وماهرا في التجارة لكنه كان كريما ومتواضعا، حتى لُقّب بالغني الشاكر ، وكان شجاعا عفيفا وزاهدا لدرجة أنه رفض الخلافة مرتين.