38 – 12 تصحيحًا لاجتزاء أنّ “النساء ناقصات عقل”

Spread the words of love

يُطْلق العديد من الناس مقولة أنّ “النساء ناقصات عقل” -متمسّكين بأنّها حديث شريف-، وهي في الواقع اجتزاء بسيط من حديث شريف، وحتّى أنّه خارج السياق أيضًا. وعادة ما يكون ذلك الاجتزاء في معرض كلام أحدهم عن تحسين وضع المرأة أو حتّى إعادة النظر بالتشريع الإسلامي ليتماشى مع العصر والحداثة على حدّ زعمه. وقد يستند أحدهم على هذا الاجتزاء ليقدح بالمرأة ويطعن بالإسلام محاولًا النيل من قيمة المرأة في نظر الإسلام، وقد يهزّ السامع رأسه يمنة ويسارا إمّا شفقة على المرأة أو شماتة بها!

لكنّنا سنجد في هذه الكلمات الثلاث الكثير من التجنّي على المرأة وعلى التشريع الإسلامي في آن واحد؛ فهي اجتزاء من حديث شريف صحيح لكنّها ليست حديثًا بحدّ ذاتها، كما أنّها أصبحت باجتزائها هذا خارج سياق الحديث نفسه أيضًا، وفي الأساس هي بعيدة عن المراد من الحديث الشريف، كما هي أبعد ما يكون عن حقيقة اهتمام التشريع الإسلامي بشؤون وشجون المرأة!!

  1. الجملة الكاملة من الحديث النبويّ الشريف وسياقها
  2. استكمال الحديث النبويّ الشريف
  3. حسابات الربح والخسارة بين العدل والمساواة
  4. يوجد اثني عشر امرأة في الإسلام

الجملة الكاملة من الحديث النبويّ الشريف وسياقها

دعونا نبدأ من الجملة الكاملة من الحديث الشريف، وهي تقول: ((ما رَأَيْتُ مِن نَاقِصَاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِن إحْدَاكُنَّ))، ومن خلال قراءة كامل الحديث نرى بأن هذه الجملة هي جواب لسؤال سألته إحدى النساء الموجودات وصفها أحد رواة الحديث بأنّها ((امْرَأَةٌ منهنَّ جَزْلَةٌ))؛ والجزلة معناها ذات العقل والرأي والوقار. فكيف يمكن أن تَذهب ناقصةُ العقلِ بعقلٍ لبيبٍ حازمٍ لو لم تكن أذكى منه أو أنّه أنقص منها عقلًا على الأقلّ؟ أمّ إنّ كلّ منهما حباه الله بما هو أدرى به من قوة معيّنه في العقل ليكمل أحدهما الآخر، فيتكاملا ليستكملا مهمتهما بالتعاون والتعاضد والتكافل؟!

استكمال الحديث النبويّ الشريف

أمّا إذا استكملنا نص الحديث بالكامل، ((يا مَعْشَرَ النِّساءِ، تَصَدَّقْنَ وأَكْثِرْنَ الاسْتِغْفارَ، فإنِّي رَأَيْتُكُنَّ أكْثَرَ أهْلِ النَّارِ فَقالتِ امْرَأَةٌ منهنَّ جَزْلَةٌ: وما لنا يا رَسولَ اللهِ، أكْثَرُ أهْلِ النَّارِ؟ قالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وما رَأَيْتُ مِن ناقِصاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، وما نُقْصانُ العَقْلِ والدِّينِ؟ قالَ: أمَّا نُقْصانُ العَقْلِ: فَشَهادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهادَةَ رَجُلٍ فَهذا نُقْصانُ العَقْلِ، وتَمْكُثُ اللَّيالِيَ ما تُصَلِّي، وتُفْطِرُ في رَمَضانَ فَهذا نُقْصانُ الدِّينِ))؛ في صحيح مسلم رقم 79، فسنرى أنّه يفسّر سبب الوصف بالنقص: ((أمَّا نُقْصانُ العَقْلِ: فَشَهادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهادَةَ رَجُلٍ))؛ وهذا ما نبَّه اللهُ تَعالَى عليه في كِتابِه الكريم بِقَولِه: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ} [البقرة:282]. إذن المقصود من النص ضَعف ضَبط الذاكرة أو الكتابة وحيرة المرأة فيهما أو ” أَنَّهُنَّ قَلِيلَاتُ الضَّبْطِ” بتعبير الإمام النووي رحمه الله تعالى في تفسيره للحديث، خاصّة فيما يتعلّق بالأموال والمعاملات المالية، وهي موضوع الآية الكريمة المذكورة آنفًا. كما أنّه أوضح أنّه قد يكون “الاختلاف في حقيقة العقل وأقسامه“، فيكون لكّل منهما اختصاصه ومواطن قوتّه فيتكاملا ويتعاونا.

وهذا التبيان لا يوجد فيه طعن بالمرأة ولا تشريف للرجل، بل مراعاة للظروف الجسديّة والضغوط النفسيّة التي تتًعرّض لها المرأة عادة. فهل لو قلنا إن الرجال ناقصون عاطفة -وهي حقيقة- يُعدّ هذا طعناً فيهم أو تشريفًا للمرأة؟ لا هذا ولا ذاك، بل الأمر أنّ لكلّ منهما دورًا يتكامل مع دور الآخر في العائلة والمجتمع، يتفاعلان في نسيج واحد لتحقيق أهداف عائليّة واجتماعيّة واقتصاديّة.

أمّا من الناحية العلميّة، فالمطلوب من العُلماء والباحثين في هذه الحالة أن يَرى المتخصّصون منهم أنّ في هذا الحديث الشريف، ومعه الآية الكريمة، إشارة أو تلميح بوجود اختلافات على عدة أوجه بين الرجل والمرأة؛ وهما بذلك دعوة مفتوحة لذوي الاختصاص لدراسة وفهم هذه الاختلافات بكافة أوجهها وأبعادها وانعكاساتها على مختلف الأصعدة.

ومن المفيد أن نذكر في هذا السياق أن الله -تبارك وتعالى- خَلَقَ الرجل والمرأة من نَفْسٍ واحدة، وخَلَقَ المرأة من الرجل، كما في قوله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء:1) وكذلك في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21).

وقد المهمّ أن نرى أنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم أراد من الحديث أن يحذّر النساء خاصة، والناس أجمعين عامة، من واقع إشفاقه على أمّته، من ثلاثة من الكبائر تنتشر بين النساء أكثر من الرجال، ويذكرهنّ أنّ جزاء الكبائر في النار كي يتنبّهن لهذا الأمر العظيم ويحسنّ التصرف، ثمّ استكمل عليه الصلاة والسلام ليبيّن موطن القوة والضعف في طبيعة المرأة.

حسابات الربح والخسارة بين العدل والمساواة

يَعْتَبِر الإسلام أنّ المرأة والرجل مسؤولَان ومكلَّفَان على حدّ سواء أمام التكاليف الشرعية من حيث الأداء والعقوبة؛ فيعدل بينهما من حيث الحقوق والواجبات، ويتعامل على أساس العدل أولًّا، وليس بالمساواة تحديدًا ولا حصرًا، آخذًا بعين الاعتبار احتياجات وخصوصية كلّ منهما. والعقل في الإسلام هو أساس التكليف، فلا يمكن للإسلام أن ينظر إلى المرأة كناقصة عقل ويكون أداؤها وعقوبتها بنفس مستوى الرجل؟! هذا ينافي العدل الذي يتّصف به الله سبحانه وتعالى، والذي ينادي به الإسلام. فناقص العقل لا يُكلَّف بمثل ما يكلف به من هو أكمل منه عقلاً، ولا يُحاسَب بنفس القدر، ممّا يدحض فرضيّة أن الرجل أكمل عقلاً من المرأة.

أمّا من يطالبون بالمساواة بين الرجل والمرأة فكأنّما يقدِّمون المساواة ويخسرون العدل، وليس من المنطق بمكان أن نتراكض لنربح عشرين بالمئة في سبيل تحقيق المساواة لكن نخسر مقابلها ثمانين بالمئة حُصِّلت بالعدل!

إذا ما تفكرنا بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تتناول موضوع* المرأة بشمولية ، سنلاحظ بالتأكيد أنّ الإسلام أنشأ علاقة تكامل وتكاتف بين الرجل والمرأة وليست بعلاقة تفاضل ولا تنافس ولا تناقض بالطبع، محترمًا قدرات واختلافات ومتطلبات ومساهمات كلّ منهما؛ فأعطى كلّ منهما دوره مع مسؤولياته الخاصة المكلّف بها ضمن منظومة اجتماعيّة متكاملة، ولم يميّز أحدًا عن أحد إلّا بالتقوى لا بالجنس أو اللّون أو غيرها، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات:13). بل إنّ الله تبارك وتعالى ضرب الأمثال للناس في القرآن الكريم في قبسات من حياة نساءٍ مميّزات ليكنّ منارات لنا توجّهنا في حياتنا وقدوات لنا في الإيمان والتقوى والورع والثقة بالله عزّ وجلّ والتضحية بالنفس والإيثار والأخلاق الرفيعة مثل مريم بنت عمران عليها السلام، وامرأة فرعون، ووالدة موسى عليه السلام وأخته، وزوجة موسى عليه السلام وأختها، وهاجر وساره زوجتا إبراهيم عليه السلام، وزوجة أيوب عليه السلام، ناهيك عن عدد آخر من النساء المميّزات أيضًا المذكورات في السنة النبوية الشريفة. على أيّ حال، من الواضح أن الإسلام كلّف المرأة مثلًا مسؤولية إنشاء الإنسان الصالح، اللبنة الأساس المتراصّة التي تعمل لبناء مجتمع سليم. فكيف لمن يُنظر إليها كناقصة عقل أن يُطلب منها هذه المهام الجسيمة. وكلّفها الإسلام بذلك أيضًا أن تكون مسؤولة أو ربّة المنزل، مثلما في الحديث الصحيح: ((الرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ))[i]، فكيف لمن يكون عقله ناقصًا أن يكون مسؤولًا عن أمانة بهذه الخطورة. أمّا المطالبة بالمنافسة بدل التكامل فهي مثل أن يطلب أحدهم أن تكون أصابع يده مماثلة لبعضها!

لا توجد عدالة في تحقيق مساواة مجرّدة في التشريع بين من لا يتكافآن في القدرات ولا المشاعر ولا الاهتمامات ولا ردّات الفعل.

يوجد اثني عشر امرأة في الإسلام

ينظر الإسلام بعين التقدير والعرفان والاحترام لقدرات كلّ من الرجل والمرأة، فلا يطعن بقدرات المرأة أو إمكاناتها العقلية أو الفكرية أو الجسدية، بل على العكس تمامًا. فإنّ المرأة تغلبها عاطفتها لما جبلها الله عليه من الرأفة والرحمة، لذلك قد يتعطّل العقل ويكثر النسيان ولو مرحليّا، والمرأة يتغيّر مزاجها بأقلّ الأسباب وعندها قد يَنْقُص عمل العقل مقابل العاطفة أيضًا؛ وهذا هو الغالب في النساء. كما أن المرأة تمرّ في تغيرّات جسمانية تؤثّر على حالتها النفسية، هذا بالإضافة إلى عاطفتها الزائدة والتي يمكن أن تجعلها تنحاز في تفكيرها وفي قراراتها، كما لو كان المعنيّ بالأمر ابنها مثلاً. فهل من العدل والمنطق أن نتجاهل كلّ هذه المميّزات في سبيل تحقيق المساواة؟ وهل يجب أن تكون المساواة هي المطلب أم المطلب هو السهر على تحقيق وتطبيق العدالة؟ هل نمنع مثلًا بعض المؤسّسات التي تميّز الموظفة بيوم إجازة مدفوعة شهريّا دون الرجال، عن فعل ذلك للتمسّك بالمساواة؟ أم نحرم الموظفة من إجازة أمومة مطوّلة للاهتمام بمولودها في أول فترة على الأقلّ أم نبحث في طرق لإطالتها إلى سنتين كاملتين كما هو أقصى حقّ الرضاعة كما في الآية الكريمة: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[ii]، أم نحرمها منها بحجّة المساواة أيضًا؟ فهل نقبل أنّ نطبّق الظلم في سبيل تحقيق المساواة؟!

على أيّ حال، في مراجعة لنصوص الكتاب والسنة لا نجد ما يشين المرأة لا من هذه الناحية ولا من تلك، ولا ما يحطّ من قدرها أبداً، لكن على العكس تمامًا من ذلك إنّ الشرع وَضَعَ المرأة في مَوْضِعِ تكريمٍ كيفما كان موقعها العائلي أو الاجتماعي بشكل عادل بالنظر إلى أدوارها الجسام، وتوجد سورة كاملة باسم سورة النساء، كما أنّ سورة الطلاق معروفة باسم سورة النساء الصغرى وتشتملان على العديد من التشريعات الخاصة بالنساء. لذلك إنّ الإسلام كرّم إثني عشر امرأة وشرّفهنّ وميّزهنّ بالحقوق الخاصة بهنّ وألزم الرجل بتحقيق العدالة لهنّ، كلّ واحدة منهنّ في موقعها الاجتماعي الخطير والمؤثّر بالنسبة للرجل.

  1. فهي اُمٌّ: برُّها مثل برُّ الأب، مقرون بحق الله تعالى بالتوحيد كما في العديد من الآيات مثل: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء:23)، وعقوقها والإساءة إليها مقرونَين بالشرك بالله إذ حرّمهما الله كما في الحديث الصحيح: ((إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات))[iii]؛ والجنة تكون تحت قدميها كما في الحديث الصحيح: ((الْزَمْ رِجْلَها؛ فثَمَّ الجنَّةُ))[iv]، وهي أعلى منزلة من كلّ الناس حتّى الأب، مثلما في الحديث أنّه جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ.[v]
  2. أو خالة فتكون لها منزلة مثل منزلة الأم في البر والصلة، كما في الحديث الصحيح: ((الخَالَةُ بمَنْزِلَةِ الأُمِّ))[vi].
  3. أو امرأة كبيرة في السن، تزداد قيمتها ويتنافس الجميع على برّها وتوقيرها بل وخدمتها وحتى تقديمها في الكلام والتحدّث، مثلما يبيّن الحديث الصحيح: ((ليسَ منَّا من لَم يَرحَمْ صغيرَنا، ويعرِفْ حَقَّ كَبيرِنا))[vii]؛ وكذلك: ((خِيارُكم أطوَلكم أعمارًا، وأحسَنُكم أخْلاقًا))[viii]؛ وكذلك حديث: ((البرَكةُ مع أكابِرِكم))[ix]؛ وحديث: ((كَبِّرِ الكُبْرَ))[x]. وقد شرّع الله -عزّ وجلّ- الدعاء والحثّ على الدعاء للأبوين ومنهما لكبار السن عامّة: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (الإسراء:24). وقد يكون كبير السن من أحسن الناس حظًا في الدنيا والآخرة إذا صلح عمله، مثل التنبيه النبوي الشريف على ذلك بقوله: ((مَن طال عمرُه، وحسُن عمله))[xi]؛ عندما سأله أحدهم عمّن هو خيرُ الناس.
  4. أو أختٌ وَصْلها وتكريمها والتضحية من أجلها واجب مثل واجب الأم لأنّها الأم الثانية: حيث دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالبركة لصحابيّ عندما أخبره: “هَلَكَ أبِي فَتَرَكَ سَبْعَ أوْ تِسْعَ بَنَاتٍ، فَكَرِهْتُ أنْ أجِيئَهُنَّ بمِثْلِهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عليهنَّ”[xii]. كذلك أمر الصحابيّ الذي رفض إعادة تزويج أخته من طليقها، وذلك إعلاءً لشأنها وتكريما لها (بالرغم من أنَّ زَوجَها كانَ حَسَن السُّمْعةِ، لا عَيبَ في دِينِه أو خُلُقِهِ، وَكانَت أُختُه تَرغَبُ في العَودةِ إلَيهِ)؛ [xiii]لولا أن نزل فيه الآيةِ الكريمةِ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة:232)؛
  5. أو أخت أو ابنة تُدخِل الجنّة ((مَنْ كان له ثلاث أخوات أو ثلاث بنات ]أو بنتان أو أختان[، فصبَرَ علَيْهِنَّ، وأطعَمَهُنَّ، وسقاهُنَّ، وكساهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، كُنَّ لَهُ حجابًا مِنَ النارِ يومَ القيامَةِ))[xiv]. ولا يخفى واجب تكريم الابنة تأسيّا بالرسول -صلى الله عليه وسلّم- في ترحيبه بابنته فاطمة رضي الله عنها في مجلسه وتكريمها بتقريبها منه يمينًا أو يسارًا.
  6. أو زوجة تمّ زواجها بكلمة الله وميثاقه الغليظ، واجبها على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكفّ الأذى عنها؛ ويوصف من أكرمها بأنّه خير الناس ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي))[xv]؛ يجب على الرجل إيفاؤها مهرها كاملا عن طيب خاطر، كما يجب عليه نفقتها ونفقة الأولاد، ولا يتوجبّ عليها ذلك من مالها الخاص ولو كانت أكثر من زوجها مالا. كما يجب على الزوج التعامل معها بالمعروف {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء:19) كما يحب أن تعامله هي مثل ذلك، كما في الآية الكريمة: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة:228)، في حين يتقاسم الرجل مع زوجته أسس بناء المنزل.
  7. أو يتيمة يجب الإحسان إليها وعدم الإساءة إليها بأي طريقة من الطرق والتفريط بها كما في قوله تعالى: }وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا{ (النساء:127)، كما يحرم التفريط بمالها كما في قوله عزّ وجلّ: }وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا{ (النساء:2).

وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الصحيح أنّ أجر كفالة اليتيم مرافقته في الجنة[xvi]، كما أن الشرع حذّر أنّ عدم إكرام اليتيم من أسباب الدخول إلى النار والعياذ بالله: }كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ {(الفجر:17)، كما جُعِل لليتامى حصة في الفيء والغنيمة والصدقات.

  • أو أرملة يثاب الجنة كلّ من يتكفّل بمتطلبات حياتها وإدارة مصالحها، ويحسن إليها كما في الحديث الصحيح: ((السَّاعِي علَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ، كالْمُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّهِ، أوِ القائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهارَ))[xvii]؛ ومن المفيد أن نذكر في هذا السياق أنّ معظم زوجات النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كنّ من الأرامل. وكلُّ ما يُثار في المجتمع من نظراتٍ متدنِّية للأرملة هو أقْرَب إلى الأحكام الجاهليَّة منه إلى الشريعة الإسلاميَّة التي ترفض هذه النظرات الغريبة عنها جملة وتفصيلًا، بل وتطالب بالاهتمام بأمرها ماديًا ومعنويًا وحمايتها من أيّ تهديدات وأن يُقْضى لها حوائِجَها.
  • أو مطلّقة يتوجب على طليقها إيفاؤها حقوقها: مثل عدم إخراجها من منزلها، وتسديد مؤخر المهر المتفّق عليه كاملًا، وتأمين السكنى وتسديد النفقة طوال فترة العدة، وغيرها[xviii]، وكلّ ذلك بالمعروف وليس بالإكراه[xix] أو مستخدمًا الأساليب الملتوية المتحايلة. غنيّ عن البيان أن الله -عزّ وجلّ- أنزل في كتابه الكريم سورة كاملة عن حقوق المطلّقات: سورة الطلاق.
  • أو زوجة مجاهد أو مرابط في الثغور وما شابههما من غياب الرجل في سبيل الله، إذ تكون حرمة امرأة ذلك الرجل أو ابنته على المسلم كحرمة أمّه عليه كما في الحديث: ((حُرْمَةُ نِساءِ المُجاهِدِينَ علَى القاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهاتِهِمْ))[xx]، ولهنّ عليه حقوق بالقيام بمتطلباتهنّ إذا كان بمقدوره القيام بذلك مع عظيم الثواب.
  • أو جارة لها حقوق الجيرة بشكل عام كما في الحديث: ((لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ))[xxi]، بالإضافة إلى تغليظ تحريم أيّ علاقة زنا بها مضاعفًا إثمها عشر مرّات كما في الحديث الشريف: ((لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ))[xxii]؛ فكلّما كانت علاقة القرابة أقرب، كانت جريمة الزنا أفظع، وعقوبتها أشدّ.
  • أمّا إذا كانت غير قريبة بأي شكل من الأشكال، لا قرابة دم ولا قرابة رضاعة، ولا حتى من الجوار، كان لها عليه على الأقلّ حقّ الإسلام العام على كلّ مسلم للآخرين من كفّ الأذى، والحماية من الظلم، وغض البصر، والتعامل بالحسنى، والبرّ، والإحسان وما إلى ذلك.

الخلاصة

كرّمت الشريعة الإسلامية المرأة وأسندت إليها أدوارًا بارزة ذات مسؤوليات كبيرة في العائلة والمجتمع والأمّة، لكنّ المشكلة الحقيقية تكمن في العادات والتقاليد الجاهليّة الموروثة أو المكتسبة التي تحتقر المرأة، وتنتقص من أهليتّها، وتعزلها عن العلم وعن العمل بشكل مطلق، وتعطّل ملكاتها ولا تنتفع من طاقاتها ولا تحترم مميّزاتها ولا تدعم رسالتها الإنسانية، وكلّ ذلك مخالف للشرع، وله ارتدادات كارثية على العائلة، والمجتمع والأمّة.

ويحاول من يريد الطعن في الشريعة الإسلاميّة أن يحقّق هدفه من خلال الاجتزاء خارج النصوص والسياقات، وباللجوء إلى لَيّ أعناق الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، وأن يعطي لجاهليّته الشنيعة ثوبًا شرعيّا، ولكن هيهاتّ! إنّ في كلّ جاهليّة ما يُسَلْعِن المرأة وتقضم حقّها تعارض مباشر مع الشريعة الإسلامي التي تسعى إلى تحرير الإنسان، كل إنسان، من كافة القيود التي تمنعه من أداء عمله على خير ما يرام من الناحية الجسدية، الفكرية، والروحية على حدّ سواء. لكنّ المشكلة في هذا الزمن، بل الطامّة الكبرى هي بعد الشريعة الإسلامية شبه الكامل عن نَظْم العلاقات الإنسانيّة والعائلية وضبط إيقاعها، ومنها العلاقة المتكاملة بين الرجل والمرأة.

وفي نهاية المطاف، لا يمكنني أن أختم هذا الموضوع إلا بتذكّر إحدى آخر وصايا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلّم- في الحديث الصحيح: ((اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا)) مسلم 1468، والتحذير من أكل حقّ المرأة بأيّ طريقة من الطرق، بصفتها من الأكثر عرضة للاستقواء من قبل الرجال في المجتمع – طبعًا إذا لم يتكاتف هذا المجتمع مع عدالة القانون- كما في الحديث الصحيح: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ))؛ ابن ماجه 3678، وأحمد 9664، والنسائي في “السنن الكبرى” 9149.

هذا ما عندي من فضل الله تعالى ونعمته علىّ، فإن أحسنت فمن الله سبحانه، وإن أسأت أو أخطأت فمن نفسي والشيطان.

والصلاة والسلام على المُرْسَلِين، والحمد لله رب العالمين.


[i]  ((كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ.))؛ الراوي: عبد الله بن عمر | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 5200 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[ii]  وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (لقمان:14)

[iii]  ((إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ علَيْكُم عُقُوقَ الأُمَّهاتِ، ومَنْعًا وهاتِ، ووَأْدَ البَناتِ، وكَرِهَ لَكُمْ: قيلَ وقالَ، وكَثْرَةَ السُّؤالِ، وإضاعَةَ المالِ))؛ الراوي: المغيرة بن شعبة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 5975 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]، المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 593 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[iv]  ((الزَمْ رِجْلَها، فَثَمَّ الجنةُ))؛ خلاصة حكم المحدث: حسن | التخريج: أخرجه النسائي (3104)، وابن ماجة (2781) واللفظ له، والحاكم في ((المستدرك)) (2502).

[v]   أخرجه البخاري (5971)، ومسلم (2548)

[vi]  ((الخَالَةُ بمَنْزِلَةِ الأُمِّ))؛ الراوي: البراء بن عازب | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 2699 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

[vii]  ((ليسَ منَّا من لَم يَرحَمْ صغيرَنا، ويعرِفْ حَقَّ كَبيرِنا))؛ أخرجه أبو داود (4943)، والترمذي (1920)، وأحمد (6733) واللفظ له

[viii]  ((ألَا أُنَبِّئُكم بخِيارِكم؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: خِيارُكم أطوَلكم أعمارًا، وأحسَنُكم أخْلاقًا))؛ أخرجه أحمد (9235)

[ix]  أخرجه ابن حبان (559)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8991)

[x]  صحيح البخاري 6142، وصحيح مسلم 1669.

[xi]  أنَّ رجلًا قالَ : يا رسولَ اللَّهِ أيُّ النَّاسِ خيرٌ ؟ قالَ : مَن طالَ عمرُهُ ، وحَسنَ عملُهُ ، قالَ : فأيُّ النَّاسِ شرٌّ ؟ قالَ : مَن طالَ عمرُهُ وساءَ عملُهُ، الترمذي 2329، وأحمد 17734

[xii]  صحيح البخاري 6387، وصحيح مسلم 715.

[xiii]  البخاري 5130

[xiv]  أحمد 14247، والطبراني في “المعجم الأوسط” 4760

[xv]  الترمذي 3895 وابن ماجه 1977

[xvi]  ((أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى))، صحيح البخاري 6005، وصحيح مسلم 2983.

[xvii]  صحيح البخاري 5353 وصحيح مسلم 2982.

[xviii]  ۞ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (البقرة:233)

[xix]  فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (الطلاق:2)

[xx]  صحيح مسلم 1897

[xxi]  صحيح مسلم 46

[xxii]  أحمد 23854

Add a Comment