وقل رب زدني علما

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين؛ اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم؛ اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً؛ وأرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه؛ واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه؛ وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الحمد لله على فضله العظيم بأنه منّ عليّ بالعديد من الابتلاءات التي تعاملت معها كتحديّات وحوافز لي لأن أتقدّم وأتطوّر وأتعلّم الكثير مّما لم أكن أعلم في مسارٍ أشبه ما يكون بالأفعوانيّة؛ ثم أنعم عليّ بالصبر والمثابرة.

وقد صادفت إحدى أعظم هذه الفرص في دراستي لبعض النواحي من الفكر الإسلامي، بالرغم من بُعدها عن اختصاصي (علوم كمبيوتر) في الدراسة والعمل، أو هكذا خيّل لي. كانت البداية الفعليّة مع قراءتي لصفوة التفاسير في ثلاث مجلّدات للشيخ مُحمَّد علي الصَّابُونيّ رحمه الله تعالى وتجاوز عنه ورزقه الفردوس الأعلى من الجنّة وجميع علماؤنا الميامين – جزاهم الله عنّا خيراً – الذي حملوا رايات خفّاقة أوصلوها لنا بمنتهى الأمانة والصدق والحبّ في الله لنجد فيها كنوزاً لم يجدوها، ونغترف منها ما لم يغترفوا.

وانطلقت من هذا المختصر في رحلتي برعاية الله وعلى بركة الله ولوجه الله بالرغم من تردّدي في الكثير من الأحيان لكن الآية الكريمة }لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا{[i] كانت تعزّيني؛ وبالرغم من خوفي في أحيان أخرى من أن أخطئ الرمي، لكن حديث ((بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً))[ii] كان يردّني إلى رحلتي، ويرشدني إلى التحقق ممّا أنشره ما استطعت الى ذلك سبيلاً. كما شاءت الظروف أن شجّعني بعض الأحبّة والأصدقاء كلّ بطريقته الخاصّة على العودة إلى هذه الرحلة المذهلة التي تحفّ بها الروائع والبدائع وعظائم الفكر والإبداع والعبقريّة، يعبق بها عقلي وقلبي وروحي.

ولا تزال هذه الرحلة تغنيني بالأفكار على كلّ المستويات والأبعاد بمختلف الكتب والمؤلفات والمقالات والخطب للعديد من العظماء من المتقدمين المتأخرين والمعاصرين، في العديد من ميادين العلم الشرعي وما يدور في فلكه، كما تزوّدني بالمعلومات التي أجمعها وأصبّها في قالب مبسّط أحاول أن أقدّمه لأكبر عدد ممكن من الناس. ويحدوني الأمل أن تصيب إحدى هذه المعلومات التي أجمعها وأنشرها وتراً محفِّزاً عند أحد الأحبّة، فيذّكر معلومة كان قد نسيها أو يتعلّم معلومة جديدة، أو يشاركها مع من يحبّ، أو يدعو لي بالغيب.

وكان قد حفّزني كتاب صيد الخاطر للإمام الجوزي رحمه الله تعالى أن أسجّل كلّ ما يخطر ببالي من أفكار أو ملاحظات مهما كانت كبرها أو صغرها على مدوّنه خاصة كي لا تضيع أي معلومة أو أي فكرة، لعلّ الله تعالى يوفّقني فأكتب ما تيسّر لي. ومن الغنيّ عن البيان أنّ معظم ما ترونه على هذه المدوّنة هو من بنات لأفكارٍ كان ليطويها النسيان.

فإن يك صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله جلّ جلاله ورسوله صلى الله عليه وسلم بريئان. والحمد لله ربّ العالمين.


[i]  لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (البقرة:286)

[ii]  ((بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً، وَحَدِّثُوا عن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)). الراوي: عبد الله بن عمرو | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 3461 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]